ألقى الشيخ غريب رضا كلمة رحّب فيها بسماحة الشيخ غازي حنينة، مشيدًا بدوره الوحدوي ومساندته للمقاومة الإسلامية. وأكد على أهمية العمل التقريبي بين المذاهب رغم حملات التضليل.

كلمة حجت الاسلام الشيخ غريب رضا :
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين، إنه خير ناصر ومعين.
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه وأشرف بريّته، مولانا أبي القاسم المصطفى محمد، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين المعصومين، عليهم أفضل صلوات المصلين، وعلى أصحابه المنتجبين.
نرحب بقدوم سماحة الشيخ غازي حنينة، هذا الوجه المنير، والقلب الوحدوي النابض في العالم الإسلامي، الذي انطلق من لبنان وساهم في توحيد الأمة الإسلامية، وشارك في مقاومة هذا الشعب اللبناني العظيم. لقد كان إلى جانب المقاومة الإسلامية، بل كان جزءًا من هذه الحركة المباركة.
وإنه لشرف لنا حضوره هذه الليلة بين هؤلاء المبلغين من الطلبة، الذين يجيدون اللغة العربية، ولهم مساهمة صادقة في تبليغ الرسالة الإلهية للناس، وفي دعم المقاومة الإسلامية، وفي تقريب المذاهب.
الحمد لله، إن هذه الرابطة – رابطة الحوار الديني للوحدة – هي رابطة أهلية، انطلق عملها قبل 19 عامًا، وتبلغ العام المقبل عشرين عامًا من عمرها. وقد استطاعت أن تنسج شبكة من العلاقات الدولية، وأن تساهم بما أتاحه الله لها في برامج دعوية وتقريبية في أنحاء المعمورة، سواء في الدول العربية أو من خلال العالم الافتراضي، أو في الندوات الحضورية داخل إيران وخارجها.
لا أريد الإطالة عليكم، ولا أن آخذ من وقتكم. فنحن جميعًا آذانٌ صاغية لنستمع إلى كلمتكم. ويُحبّذ لو تُتحفونا وتُعلّمونا مما علمكم الله، وتشاركونا تجربتكم الثمينة، لتكون منارة لهؤلاء الشباب. كيف نساهم ونعمل في المسار التقريبي رغم وجود موجات التضليل الإعلامي في عالمنا الإسلامي والعربي، والتي تستهدف الدين عمومًا، ومحور المقاومة، ووحدة الأمة الإسلامية؟
كيف نقاوم فكريًا وثقافيًا، ونقرّب القلوب، ونؤلف بينها، ونجمع العقول على كلمة سواء؟
هذا هو هاجسنا الفكري، وهمّنا الثقافي الأساسي، ونأمل أن نستفيد من خبرات من سبقونا وامتلكوا قدم صدق في هذا المجال.
وإذا سمحت الظروف، نرجو أن تتفضلوا بالحديث أيضًا عن الوضع الراهن في لبنان، وعن الضغوط الكبيرة التي تواجه حزب الله ومقاومته في هذه المرحلة، وذلك ببركة الصلوات على محمد وآل محمد.

خطاب سماحة الشيخ غازي حنينة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحبه المنتجبين، وعلى جميع عباد الله الصالحين إلى يوم الدين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخوكم العبد الفقير، الشيخ غازي حنينة، خادم في تجمع علماء المسلمين بصفتي رئيس مجلس الأمناء.
أود أن أقدم نبذة مختصرة عن “تجمع علماء المسلمين”، ثم ننتقل إلى محاور الموضوع إن شاء الله.
تجمع علماء المسلمين تأسس منذ 43 عامًا، في العام 1982م، في سياق الاجتياح الصهيوني للبنان. التقى عدد من علماء المسلمين في مؤتمر “يوم المستضعفين” في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وتدارسوا الوضع في لبنان، وقرروا أن يتوحدوا كموقف وكصف واحد لمواجهة هذا التحدي.
في تلك الفترة، وصل الاجتياح الصهيوني إلى بيروت، وارتكبت مجزرة صبرا وشاتيلا، التي راح ضحيتها نحو أربعة آلاف شهيد.
عرضت هذه المجموعة مبادرتها على الإمام الراحل الخميني (قده)، فباركها وقال لهم: “امضوا على بركة الله، وقاتلوا العدو بوحدتكم.”
وعاد هذا الجمع إلى لبنان، وبدأت المسيرة.
بعضهم ارتقى شهيدًا أو توفي، وبعضهم لا يزال حيًا.
كانوا في البداية حوالي 9 أو 10 أو 11 عالمًا، واليوم بلغ عددهم في الهيئة العامة 325 عالمًا، من مختلف المناطق اللبنانية، من الشمال إلى الجنوب، ومن البحر إلى الجبل، ومن السنة والشيعة، يمثلون المذاهب الإسلامية المعتمدة، ومنهم لبنانيون وفلسطينيون وسوريون (من المقيمين في لبنان).
الهيكل التنظيمي للتجمع كالتالي:
- الهيئة العامة: 325 عالمًا.
- المجلس المركزي: 60 عالمًا (30 سنة، 30 شيعة).
- الهيئة الإدارية: 6 أعضاء (3 سنة، 3 شيعة)، يرأسها عالم من الشيعة.
- مجلس الأمناء: 4 أعضاء (اثنان سنة واثنان شيعة)، يتم تعيينهم من قبل سماحة السيد القائد، وينوب عنه وكيله الشرعي في لبنان – حاليًا سماحة الشيخ نعيم قاسم (حفظه الله).
التوجه العام للتجمع:
ليس الدخول في التفاصيل السياسية اللبنانية، ولا الترشح للانتخابات. بل يتناول القضايا العامة في لبنان والمنطقة والعالم الإسلامي، ويتصدى للفتن الداخلية، ويقف مع قضايا الأمة.
من أبرز مشاركاته:
- إسقاط اتفاق 17 أيار (1984).
- المشاركة في التعبئة والتوجيه خلال معارك أعوام 1993، 1996، و2006.
- الدعم الإعلامي والمعنوي في حرب غزة (2023).
- وغيرها من المواقف الثابتة.
يعمل التجمع على ثلاثة محاور رئيسية:
- الوحدة الإسلامية:
الوحدة لا تعني الجدل الفقهي أو الكلامي أو الحديثي، بل تعني توحيد الكلمة والصف بما يخدم الإسلام والمسلمين.
نحن لا نناقش أرجحية هذا الدليل أو ذاك، فهذا شأن الحوزات والجامعات، بل نركز على القضايا العامة. - دعم المقاومة:
نؤمن أن السبيل الوحيد لاسترجاع فلسطين هو المقاومة، لا المفاوضات، ولا التطبيع، ولا التسوية.
السلاح الذي نحمله هو أمانة من الله، وهو ليس سلاح حزب أو فصيل، بل سلاح الأمة وسلاح فلسطين. - مواجهة التحديات:
ندفع أثمانًا باهظة مقابل مواقفنا.
من علماء السنة من طُردوا من وظائفهم وخُلعوا من منابرهم وخسروا مواقعهم في الأوقاف، بسبب موقفهم المؤيد للوحدة والمقاومة.
وكذلك علماء الشيعة تعرضوا لضغوط كبيرة خاصة في البدايات، بين عامي 1982 و1993، على يد الإعلام والفكر المعادي للمقاومة.
لكن كل هذه التحديات لم توقفنا، وسنستمر، بإذن الله، في أداء رسالتنا.
كنا لا نتحدث مع بعضنا البعض، ولا نجلس في مجلس واحد، لكننا وصلنا إلى مرحلة أصبحنا فيها “صفر”، وهذا بحد ذاته يُعد تقدمًا. كنا في مرحلة سلبية تساوي ناقص عشرين، أما اليوم فقد وصلنا إلى الصفر، وهذا تقدم بحد ذاته. لقد بدأنا نمشي معًا، ولو قليلًا، وحققنا بعضًا من عناوين الوحدة. يمكن القول إننا أصبحنا زائد خمسة أو حتى زائد عشرة.
من مظاهر هذه الوحدة في لبنان كانت معركة الإسناد خلال حرب السابع من أكتوبر. فقد جسدت هذه المعركة صورة من صور الوحدة، وكانت عنوانًا من عناوينها. كذلك، معركة “قليل بأس” كانت أيضًا تجليًا من تجليات الوحدة.
عندما تعرضت مناطق الجنوب والضاحية والبقاع، التي تمثل بيئة المقاومة، للضرب والدمار، فتح أهل الشمال بيوتهم لاستقبال المهجرين. الشمال، الذي عمل فيه الدولار الخليجي لسنوات لتأجيج الفتنة، أغلب سكانه من السنة، بينما الجنوب أغلب سكانه من الشيعة. مناطق الشمال مثل طرابلس، عكار، حلبا، الضنية ووادي خالد تضم غالبية سنية تقارب 75% من السكان، يليهم المسيحيون، ثم العلويون، أما الشيعة فيبلغ عددهم هناك نحو 3,000 إلى 5,000 شخص فقط، بعكس الجنوب الذي يغلب عليه الطابع الشيعي.
عندما هجّر أهل الجنوب بسبب الحرب، وانتقلوا إلى الشمال وبيروت الغربية ذات الأغلبية السنية، وإلى قرى سنية في جبل لبنان، وجدوا الأبواب مفتوحة والضيافة قائمة. لم تكن الحالة مثالية، نعم، حصلت بعض الأخطاء، وسمعنا عن حوادث هنا وهناك، لكن الغالبية كانت على قدر كبير من الاستقبال والاحتضان.
كان هناك دعم لبيئة المقاومة في مناطق سنية، رغم محاولات الخليج لسنوات لتأجيج الصراع المذهبي، خصوصًا ما شهدته منطقة طرابلس من صراعات بين مناطق ذات غالبية علوية مثل جبل محسن ومناطق سنية مثل التبانة، حيث استمرت الاشتباكات العشوائية لعامين بدعم وتمويل من دول الخليج، وتوجيه أمريكي.
ومع ذلك، إذا استطعنا تحقيق شيء من الوحدة، فإن العدو سيعمل بالتأكيد على إثارة الفتنة. لذلك، ينبغي أن تبقى فكرة الوحدة جزءًا أساسيًا من تفكيرنا وخططنا. ففي كل مرة نحقق فيها إنجازًا، يجب أن نكون مستعدين لمحاولة جديدة لإشعال الفتنة المذهبية.
مثال بسيط على ذلك ما جرى بعد 7 أكتوبر 2023. خلال خمسة عشر يومًا، امتلأت شبكات التواصل والفضائيات بكلام عن كيف لحماس أن تقوم بالعملية دون إعلام حزب الله أو إيران. وردّ البعض من أهل حماس بأنهم أحرار في قرارهم ولا يلزمهم إعلام أحد. وصلت الأمور إلى حد صدور تصريحات من السيد القائد والسيد حسن بأن أطراف محور المقاومة أحرار في اتخاذ قراراتهم.
هكذا تُحضّر الفتنة: ليس بالضرورة أن تكون فتنة سنية شيعية. الفتنة لها أساليب كثيرة، وأدوات متنوعة، وشياطين الإنس والجن يوحون لبعضهم زخرف القول، كما قال الله تعالى.
لذلك، نقول إن الوحدة بهذا المفهوم هي التي يعمل على تحقيقها تجمع علماء المسلمين. أما مواجهة الفكر الإرهابي والتكفيري، فلسنا معنيين بنقاشهم، لأنهم لا يملكون علماً أو فهماً أو وعياً. هم فارغون، كالأوعية الفارغة، جاهزون للإيجار، وكل من يدفع أكثر يستأجرهم.
علينا أن نوضح لبيئتنا ومجتمعنا حقيقة هذا الأمر. نملك أدوات كثيرة: وسائل الإعلام، وسائل التواصل الاجتماعي، النوادي الثقافية، الجامعات، الثانويات، المساجد، الحسينيات. الحوار مع تلك الجماعات لا يجدي نفعًا، لأنهم يعتبرون كل من يختلف معهم ضالًا، كافرًا، مبتدعًا. فكيف نتحاور معهم؟
هذا هو فهمنا، أما مشروع المقاومة، فنحن جزء لا يتجزأ منه. كثير من مشايخنا المؤهلين يشاركون في المقاومة ويحملون السلاح على خطوط المواجهة. ليس كل شيخ بالضرورة مقاوم، فقد يكون خطيبًا أو متحدثًا في إذاعة أو تلفاز أو غيره، فكلٌّ في موقعه يخدم القضية.
المقاومة جزء أساسي من مشروعنا، ولن نتراجع عنها. بدأت حرب الإسناد، ثم جاء استشهاد قادة الرضوان والسيد حسن رضوان الله عليهم، وضربت البيجر، واستمرت الحرب.
اليوم، يجب أن نسأل: ما هو وضع المقاومة في لبنان؟ لا شك أن العدو، ويعني العدو الصهيوني ومعه أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبلجيكا وكل المنظومة الغربية، إضافة إلى منظومة دول “الاعتدال العربي” مثل مصر، دول الخليج، المغرب، والأردن، كلها تعمل ضدنا. ومع ذلك، نحن باقون، ومشروعنا مستمر.
تم استبعاد نجيب ميقاتي من قبل السعودية، وجيء بنواف سلام، وهو شخص أميركي الهوى من رأسه حتى أخمص قدميه، وصفه البعض بأنه ضعيف في السياسة، مما أدى إلى معاناة في لبنان بعد توليه المنصب. ورغم هذه التحديات، اعتاد اللبنانيون تسيير أمورهم كما يحدث في سوق الخضار، حيث كل شيء يمكن بيعه، مهما كان نوعه. وهذا هو حال لبنان، كل شيء يمشي.
عندما تولى نواف سلام رئاسة الحكومة، توقع الكثيرون أن الثنائي الشيعي، حركة أمل وحزب الله، لن يشاركا، لكن المفاجأة كانت في إعلان مشاركتهما الفعلية في تشكيل الحكومة. وفي لبنان، لا يمكن الغياب عن السلطة، فمن يغيب يخسر التأثير في مجريات الأمور. المشاركة السياسية تعني التأثير في القرار، حتى وإن كان الحضور ضعيفًا عدديًا. وقد شهد الجميع أن أمل وحزب الله ما زالا فاعلين سياسيًا، رغم محاولات وسائل إعلام عربية وغربية تصوير الحزب وكأنه انتهى.
في الانتخابات البلدية الأخيرة، التي جرت في مناطق ذات وجود شيعي، فاز الثنائي الشيعي بجميع البلديات، حتى تلك التي كانت تضم أطرافًا سياسية أخرى. هذا أظهر أن الحزبين ما زالا يحتفظان بقوة سياسية معتبرة. وعلى الرغم من الضربات التي تلقاها الحزب خلال الحرب، إلا أن إمكانياته لم تتلاشَ، وما زال يملك من القوة ما يمكنه من التأثير، دون الحاجة للتصريح بذلك.
من المهم أن نحمل في قلوبنا الثقة بالقيادة والمثابرة في العمل الذي توجهنا إليه هذه القيادة. نحن نحمل رسالة، ونعمل من أجل الله، نحب السيد حسن، لكننا نحب الله أكثر، نحب السيد القائد، لكن حبنا لله أعظم.
ذكرت في لقاءاتي مع السيد حسن نصر الله، الذي التقيته أكثر من مرة، في الثمانينيات، وبعد حرب تموز 2006، وفي 2009. في إحدى هذه اللقاءات التي جمعت علماء السنة حصراً، دعا السيد حسن إلى الوحدة بينهم، ولو على كأس شاي. كان يؤمن بوحدة الكلمة، وسعى إلى توحيد الصف الشيعي بعد أن شهدت بعض المناطق صدامات داخلية، كما حدث في منطقة ” اقليم التفاح”. وقد بذل جهداً كبيراً لجمع كلمة الشيعة، وكان يؤمن أن وحدة الشيعة كانت السبب الرئيسي في بقاء لبنان موحداً.
كان السيد حسن وحدويًا على مستوى الطائفة، وعلى مستوى الوطن والإسلام. عندما اجتمع مع ميشال عون ووقعا اتفاق مار مخايل، كان ذلك تجسيدًا لهذا النهج الوحدوي. قيل إن للسيد حسن تأثيراً كبيرًا على الشهيد رفيق الحريري، الذي كان يسعى لتحويل لبنان إلى نموذج أميركي. لكنه، بعد الانسحاب الإسرائيلي في عام 2000، أدرك أن حزب الله صعب المنال، وأن الجيش اللبناني ضعيف، وأن الغرب لن يزوده بالسلاح. فاختار الحوار، وحدثت لقاءات كثيرة بينه وبين السيد حسن، وصلت إلى 35 لقاءً، استمرت معظمها حتى قبيل الفجر. وفي أحد اللقاءات، قال له الحريري: “نحن السنة والشيعة أكثرية، يمكننا أن نحكم البلد معاً”، وكان لهذا الكلام ثمن دفعه الحريري لاحقًا، إذ كان يشارك تفاصيل هذه اللقاءات مع عائلته.
كان السيد حسن حكيمًا، رشيدًا، صبورًا، جريئًا، وقد استفدنا منه كثيرًا. كلما احتجنا لموقف، كنا نخرج من لقائه أقوى وأكثر عزيمة. كلماته كانت تشرح صدورنا وتثبتنا، حتى ولو كانت تُبث على الفضائيات فقط. ولكن، شاء الله وقدّر أن يرحل، ونحن اليوم أمام امتحان: هل نحن لله، أم كنا فقط للسيد حسن؟ ونحن، بإذن الله، لن نبدل ولن نغير.
أما عن الوضع في سوريا، فالأحداث كانت معقدة ومتشابكة. الفساد المالي من أركان النظام، من أقارب الرئيس وأجهزة الدولة، ساهم في غضب الشارع، بينما تجاهلهم النظام. حتى تدخل بعض المسؤولين الإيرانيين واللبنانيين لمحاولة الضغط على النظام لتغيير النهج، لكن دون جدوى. الإيرانيون دخلوا بقوة إلى سوريا، وبدأوا بشراء العقارات والمناطق، كما حصل في دمشق، حلب، حمص وحماة، بحجة إنشاء مراكز ثقافية، مما زاد من الاحتقان الشعبي.
حادثة عاشورائية في سوق الحميدية بدمشق قبل أربع سنوات كانت إحدى النقاط الفاصلة. السوق يُعد رمزًا تاريخيًا ودينيًا، ومن خلفه الجامع الأموي، ما جعل الاستفزاز كبيرًا. رغم استيعاب الموقف من حزب الله وإيقافه، فإن الأثر كان عميقًا. السيد حسن نفسه أصدر قرارًا صارمًا بمنع أي أحد من إعلان الانتصار في سوريا، ومعاقبة من يخالف.
ترافق ذلك مع تدفق أموال خليجية لضباط سوريين، وتم التنسيق مع تركيا، والتغاضي من أميركا، والتشجيع من إسرائيل. كل هذه العوامل ساعدت على صعود أحمد الشرع وأبو محمد الجولاني. وتم تغيير تركيبة الدولة السورية بالكامل، من تسريح الضباط والموظفين العلويين، إلى تعيين بدائل من المجموعات الجديدة، مما أدى إلى مجازر في الساحل السوري، وقيل إن أربعين ألفًا قُتلوا، وأُخرج أهلهم من القرى.
رغم الحديث عن رفع العقوبات عن سوريا بوساطة سعودية، ودفع 150 مليون دولار، فإن شيئًا لم يتغير فعليًا. كل التحركات السياسية للقيادة الجديدة لا تزال شكلية. الوضع السوري مجهول، ولا يعلم مصيره إلا الله، ولا يبدو في الأفق أي تغيير حقيقي. لقد تهدمت سوريا معنويًا، وأُعيد تشكيلها بشكل جديد، ولا يُعرف إلى متى سيستمر هذا الوضع، وما إذا كان أحمد الشرع سيبقى في موقعه، أو سيتم استبداله لاحقًا.
عبر سماحة الشيخ غريب رضا عن جزيل الشكر على هذه الفرصة الكريمة، ونسأل الله أن نلتقي بكم في وقت قريب، ونستفيد من علمكم وخبرتكم، ونرتب لقاء أطول للإجابة عن كل الأسئلة. حفظكم الله وبارك فيكم.
